سورة الكهف - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


قوله عز وجل: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب} يعني على محمد القرآن، فتمدح بإنزاله لأنه أنعم عليه خصوصاً، وعلىلخلق عموماً. {ولم يجعل له عوجاً} في {عوجاً} ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني مختلفاً، قاله مقاتل، ومنه قول الشاعر:
أدوم بودي للصديق تكرُّماً *** ولا خير فيمن كان في الود أعوجا
الثاني: يعني مخلوقاً، قاله ابن عباس.
الثالث: أنه العدول عن الحق الى الباطل، وعن الاستقامة إلى الفساد، وهو قول علي بن عيسى.
والفرق بين العوج بالكسر والعوج بالفتح أن العوج بكسر العين ما كان في الدين وفي الطريق وفيما ليس بقائم منتصب، والعوج بفتح العين ما كان في القناة والخشبة وفيما كان قائماً منتصباً.
{قيِّماً} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنه المستقيم المعتدل، وهذ قول ابن عباس والضحاك.
الثاني: أنه قيم على سائر كتب الله تعالى يصدقها وينفي الباطل عنها.
الثالث: أنه المعتمد عليه والمرجوع إليه كقيم الدار الذي يرجع إليه في أمرها، وفيه تقديم وتأخير في قول الجميع وتقديره: أنزل الكتاب على عبده قيماً ولم يجعل له عوجاً ولكن جعله قيماً.
{لينذر بأساً شديداً من لدنه} يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه عذاب الاستئصال في الدنيا.
الثاني: أنه عذاب جهنم في الآخرة.


قوله عز وجل: {فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم} فيه وجهان:
أحدهما: قاتل نفسك، ومنه قول ذي الرُّمَّةِ:
ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه *** بشيء نحتَهُ عن يديك المقادِرُ
الثاني: أن الباخع المتحسر الأسِف، قاله ابن بحر.
{على آثارهم} فيه وجهان:
أحدهما: على آثار كفرهم.
الثاني: بعد موتهم.
{إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً} يريد إن لم يؤمن كفار قريش بهذا الحديث يعني القرآن.
{أسفاً} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أي غضباً، قاله قتادة.
الثاني: جزعاً، قاله مجاهد.
الثالث: أنه غمّاً، قاله السدي.
الرابع: حزناً، قاله الحسن، وقد قال الشاعر:
أرى رجلاً منهم أسيفاً كأنما *** تضُمُّ إلى كشحيه كفّاً مخضبَّا
قوله عز وجل: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} فيه خمسة أوجه:
أحدها: أنها الأشجار والأنهار التي زين الله الأرض بها، قاله مقاتل.
الثاني: أنهم الرجال لأنهم زينة الأرض، قاله الكلبي.
الثالث: أنهم الأنبياء والعلماء، قاله القاسم.
الرابع: أن كل ما على الأرض زينة لها، قاله مجاهد.
الخامس: أن معنى {زينة لها} أي شهوات لأهلها تزين في أعينهم وأنفسهم.
{لنبلوهم أيهم أحْسَنُ عملاً} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أيهم أحسن إعراضاً عنها وتركاً لها، قاله ابن عطاء.
الثاني: أيهم أحسن توكلاً علينا فيها، قاله سهل بن عبد الله.
الثالث: أيهم أصفى قلباً وأهدى سمتاً.
ويحتمل رابعاً: لنختبرهم أيهم أكثر اعتباراً بها.
ويحتمل خامساً: لنختبرهم في تجافي الحرام منها.
قوله عز وجل: {وإنّا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً} في الصعيد ثلاثة أقاويل:
أحدها: الأرض المستوية، قاله الأخفش ومقاتل.
الثاني: هو وجه الأرض لصعوده، قاله ابن قتيبة.
الثالث: أنه التراب، قاله أبان بن تغلب.
وفي الجُرُز أربعة أوجه:
أحدها: بلقعاً، قاله مجاهد.
الثاني: ملساء، وهو قول مقاتل.
الثالث: محصورة، وهو قول ابن بحر.
الرابع: أنها اليابسة التي لا نبات بها ولا زرع قال الراجز:
قد جرفتهن السُّنون الأجراز...


قوله عز وجل: {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً} أما الكهف فهو غار في الجبل الذي أوى إليه القوم. وأما الرقيم ففيه سبعة أقاويل:
أحدها: أنه اسم القرية التي كانوا منها، قاله ابن عباس. الثاني: أنه اسم الجبل، قاله الحسن.
الثالث: أنه اسم الوادي، قاله الضحاك. قال عطية العوفي: هو واد بالشام نحو إبلة وقد روي أن اسم جبل الكهف بناجلوس، واسم الكهف ميرم واسم المدينة أفسوس، واسم الملك وفيانوس.
الرابع: أنه اسم كلبهم. قاله سعيد بن جبير، وقيل هو اسم لكل كهف.
الخامس: أن الرقيم الكتاب الذي كتب فيه شأنهم، قاله مجاهد. ماخوذ من الرقم في الثوب. وقيل كان الكتاب لوحاً من رصاص على باب الكهف، وقيل في خزائن الملوك لعجيب أمرهم.
السادس: الرقيم الدواة بالرومية، قاله أبو صالح.
السابع: أن الرقيم قوم من أهل الشراة كانت حالهم مثل حال أصحاب الكهف، قاله سعيد بن جبير.
{كانوا مِنْ آياتنا عجباً} فيه وجهان: أحدهما: معناه ما حسبت أنهم كانوا من آياتنا عجباً لولا أن أخبرناك وأوحينا إليك.
الثاني: معناه أحسبت أنهم أعجب آياتنا وليسوا بأعجب خلقنا، قاله مجاهد. قوله عز وجل: {إذ أوى الفتية إلى الكهف} اختلف في سبب إيوائهم إليه على قولين:
أحدهما: أنهم قوم هربوا بدينهم إلى الكهف، قاله الحسن. {فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرِنا رشداً}.
الثاني: أنهم أبناء عظماء وأشراف خرجوا فاجتمعوا وراء المدينة على غير ميعاد، فقال أسَنُّهم: إني أجد في نفسي شيئاً ما أظن أحداً يجده، إن ربي رب السموات والأرض، {فقالوا} جميعاً {ربُّنا ربُّ السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلهاً لقد قلنا إذاً شَطَطَاً} ثم دخلوا الكهف فلبثوا فيه ثلاثمائةٍ سنين وازدادوا تسعاً، قاله مجاهد.
قال ابن قتيبة: هم أبناء الروم دخلوا الكهف قبل عيسى، وضرب الله تعالى على آذنهم فيه، فلما بعث الله عيسى أخبر بخبرهم، ثم بعثهم الله تعالى بعد عيسى في الفترة التي بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم. وفي {شططاً} ثلاثة أوجه:
أحدها: كذباً، قاله قتادة.
الثاني: غلوّاً، قاله الأخفش.
الثالث: جوراً، قاله الضحاك.
قوله عز وجل: {فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً} والضرب على الآذان هو المنع من الاستماع، فدل بهذا على أنهم لم يموتوا وكانوا نياماً، {سنين عدداً} فيه وجهان:
أحدهما: إحصاء.
الثاني: سنين كاملة ليس فيها شهور ولا أيام.
وإنما ضرب الله تعالى على آذانهم وإن لم يكن ذلك من أسباب النوم لئلا يسمعوا ما يوقظهم من نومهم.
قوله عز وجل: {ثم بعثناهم} الآية. يعني بالعبث إيقاظهم من رقدتهم. {لنِعلَم} أي لننظر {أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: عدداً، قاله مجاهد.
الثاني: أجلاً، قاله مقاتل.
الثالث: الغاية، قاله قطرب.
وفي الحزبين أربعة أقاويل:
أحدها: أن الحزبين هما المختلفان في أمرهم من قوم الفتية، قاله مجاهد. الثاني: أن أحد الحزبين الفتية،
والثاني: من حضرهم من أهل ذلك الزمان. الثالث: أن أحد الحزبين مؤمنون، والآخر كفار.
الرابع: أن أحد الحزبين الله تعالى، والآخر الخلق، وتقديره: أنتم أعلم أم الله.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8